الاغلاق الحكومي الأمريكي، عمليات مكتب البراءات والعلامات التجارية الأمريكي (USPTO)، وتأثيرها على الممارسات الإقليمية

بقلم الدكتور أرفند فيسواناثان، مدير براءات الاختراع، شركة كدسه للملكية الفكرية، ٧ أكتوبر ٢٠٢٥.

بحلول هذا الوقت، أصبح العالم بأسره على علم بالاغلاق الحكومي الأمريكي بعد فشل الكونغرس في التوصل إلى اتفاق لتمويل السنة المالية 2026. ومن المتوقع أن تتأثر جميع الوظائف الحكومية بهذا الإغلاق، ويزداد الوضع تعقيداً لأن مدة الإغلاق لم تتضح بعد.

يتمتع المكتب الأمريكي للبراءات والعلامات التجارية باستقلالية مالية واسعة لكونه يعتمد في تمويله على الرسوم التي يتقاضاها ولذلك يظل عاملا أثناء إغلاقات الحكومة. وفي الواقع، ينص الموقع الإلكتروني للمكتب بشكل صريح على أنه «سيظل مفتوحاً ويعمل بكامل طاقته حتى إشعار آخر بالاعتماد على احتياطيات التشغيل من رسوم العام السابق». غير أن هذا هو الوضع الحالي فقط، ومع استمرار الإغلاق، من المتوقع أن يتأثر سير العمل في المكتب تدريجياً.

وفي وقتٍ سابق، كان المكتب قد أعلن الإغلاق الدائم لمكتبه الإقليمي في منطقة جبال روكي، بعد أن أصبح الموظفون يعملون عن بُعد بشكل متزايد نتيجة تبنّي سياسات ملائمة. ومع الإغلاق الحالي، أعلن المكتب عن تسريح عدد من موظفيه في إطار إجراءات إعادة هيكلة وتخفيض القوى العاملة.

وقد بدأت آثار هذه الإجراءات بالظهور بالفعل، إذ لوحظت تأخيرات كبيرة في معالجة الطلبات المتعلقة بالحصول على نسخ مصدّقة من الوثائق المودعة عند الإيداع (مثل عقود التنازل ووثائق أولوية الإيداع).

المخاطر على طلبات البراءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)

إن الإغلاق الحكومي الأمريكي الجاري وما نتج عنه من تأخيرات في عمل مكتب البراءات والعلامات التجارية الأمريكي يشكّل أخطار كبيرة على إيداع طلبات البراءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فمعظم مكاتب البراءات في المنطقة – مثل السعودية والإمارات والبحرين والكويت وعُمان وقطر – تشترط استكمال متطلبات الإيداع خلال 90 يوماً (أو 60 يوماً في السعودية) من تاريخ الإيداع أو الإخطار. ويجب تقديم المستندات الداعمة مثل وثائق الأسبقية المصدّقة، ووثائق التنازل، وتوكيلات المحامين ضمن هذه المدد الصارمة. وبمجرد انقضاء المدة، يُعتبر الطلب متروكاً دون مهلة إضافية أو إمكانية لاعادة احياء الطلب، على خلاف النظام الأمريكي الأكثر مرونة.

ونظراً لأن مكتب البراءات الأمريكي يشهد حالياً تأخيرات في إصدار النسخ المصدّقة من الطلبات الأمريكية الأصلية، فإن مقدمي الطلبات الذين يطالبون بالأسبقية بناءً على إيداعات أمريكية يواجهون خطراً حقيقياً في تجاوز هذه المدد الصارمة في المنطقة. فعلى سبيل المثال، قد يتعذّر على مخترع يُقدّم طلبه في الإمارات أو السعودية خلال 12 شهراً من إيداعه في الولايات المتحدة أن يحصل على نسخة الأسبقية الأمريكية المصدّقة في الوقت المحدد، مما قد يؤدي إلى فقدان حق الأسبقية أو رفض الطلب بالكامل، رغم أن التأخير خارج عن إرادته.

توصيات للمكاتب الإقليمية

للحدّ من هذه المخاطر، يُوصى بأن تنظر الجهات الرسمية في المنطقة في اعتماد تدابير تشريعية تتيح إعادة العمل بالطلبات التي تسقط حصراً بسبب التأخيرات الإدارية من مكاتب براءات أجنبية. ويمكن أن تشمل هذه التدابير:

  • تمديد المهل الزمنية إلى ما بعد 90 يوماً في الحالات الاستثنائية.
  • السماح بإعادة تفعيل الطلبات إذا ثبت أن التأخير كان ناتجاً عن أسباب خارجة عن سيطرة المتقدّم.
  • فرض رسوم احياء الطلب تدريجية تعتمد على مدة التأخير لتحقيق توازن بين العدالة والانضباط الإداري.

وتوجد بالفعل بعض النماذج التي تستحق الاقتداء بها؛ فالإمارات مثلاً تسمح بتقديم بعض المستندات بعد الموعد المحدد مقابل رسم احياء الطلب، بينما تتيح قطر تصديق التوكيل القانوني بعد المدة مقابل غرامة إضافية. إن توسيع مثل هذه المرونة على مستوى المنطقة سيُسهم في حماية المتقدّمين أثناء الاضطرابات العالمية مثل التباطؤ الحالي في أعمال USPTO.

الخلاصة

تُبرز الضغوط التشغيلية التي تواجه مكتب البراءات والعلامات التجارية الأمريكي مدى الترابط بين أنظمة البراءات العالمية. لذا ينبغي لمكاتب البراءات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تتبنّى استراتيجيات مرنة واستباقية للحفاظ على حقوق المتقدّمين في مواجهة التأخيرات الإدارية الخارجية. إن تمديد المهل أو وضع آليات استرجاع عادلة – مع التحقق المناسب وفرض الرسوم اللازمة – سيُعزّز من العدالة، واستمرارية الابتكار، والثقة في أنظمة الملكية الفكرية الإقليمية أثناء الاضطرابات الإدارية الدولية.

تنويه: هذه المقالة لأغراض المعلومات العامة فقط، وليست بمثابة استشارة قانونية.

للتواصل info@kadasa.com.sa